الصوفية -غزة فلسطين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا
ادارة المنتدي
الصوفية -غزة فلسطين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا
ادارة المنتدي
الصوفية -غزة فلسطين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الصوفية -غزة فلسطين

الصوفية غزة فلسطين عن الاقطاب الخمسة ترحب بكم
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 التهجد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الصوفية غزة فلسطين
ღالمدير العامღ
ღالمدير العامღ
الصوفية غزة فلسطين


ذكر
عدد المساهمات : 1387
تاريخ التسجيل : 27/05/2010
الموقع : www.alsufia-gaza-palestin.yoo7.com

التهجد Empty
مُساهمةموضوع: التهجد   التهجد I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 17, 2010 7:32 am

3*1-التهجد Up


وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏(‏وَمِنْ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ‏)‏ ‏(‏3/3‏)‏

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب التهجد بالليل‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ من الليل ‏"‏ وهو أوفق للفظ الآية، وسقطت البسملة من رواية أبي ذر‏.‏

وقصد البخاري إثبات مشروعية قيام الليل مع عدم التعرض لحكمه، وقد أجمعوا إلا شذوذا من القدماء على أن صلاة الليل ليست مفروضة على الأمة، واختلفوا في كونها من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، وسيأتي تصريح المصنف بعدم وجوبه على الأمة قريبا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقوله عز وجل ومن الليل فتهجد به‏)‏ زاد أبو ذر في روايته ‏"‏ اسهر به ‏"‏ وحكاه الطبري أيضا، وفي المجاز لأبي عبيدة‏:‏ قوله‏:‏ ‏(‏فتهجد به‏)‏ أي أسهر بصلاة‏.‏

وتفسير التهجد بالسهر معروف في اللغة، وهو من الأضداد‏.‏

يقال‏:‏ ‏"‏تهجد ‏"‏ إذا سهر ‏"‏وتهجد ‏"‏ إذا نام، حكاه الجوهري وغيره‏.‏

ومنهم من فرق بينهما، فقال‏:‏ هجدت نمت، وتهجدت سهرت، حكاه أبو عبيدة وصاحب العين، فعلى هذا أصل الهجود‏:‏ النوم، ومعنى تهجدت‏:‏ طرحت عني النوم‏.‏

وقال الطبري‏:‏ التهجد السهر بعد نومة، ثم ساقه عن جماعة من السلف‏.‏

وقال ابن فارس‏:‏ المتهجد المصلي ليلا‏.‏

وقال كراع‏:‏ التهجد صلاة الليل خاصة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏نافلة لك‏)‏ النافلة في اللغة‏:‏ الزيادة، فقيل معناه‏:‏ عبادة زائدة في فرائضك‏.‏

وروى الطبري عن ابن عباس ‏"‏ أن النافلة للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، لأنه أمر بقيام الليل وكتب عليه دون أمته ‏"‏ وإسناده ضعيف‏.‏

وقيل معناه‏:‏ زيادة لك خالصة، لأن تطوع غيره يكفر ما على صاحبه من ذنب، وتطوعه هو - صلى الله عليه وسلم - يقع خالصا له لكونه لا ذنب عليه، وروى معنى ذلك الطبري وابن أبي حاتم عن مجاهد بإسناد حسن، وعن قتادة كذلك، ورجح الطبري الأول وليس الثاني ببعيد من الصواب‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ‏:‏

‏"‏كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ‏:‏

اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ لَكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ‏.‏

اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَوْ لَا إِلَهَ غَيْرُكَ‏"‏‏.‏

قَالَ سُفْيَانُ‏:‏ وَزَادَ عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ‏:‏ ‏(‏وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ‏)‏ ‏.‏

قَالَ سُفْيَانُ‏:‏ قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ سَمِعَهُ مِنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏ ‏(‏3/4‏)‏

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏إذا قام من الليل يتهجد‏)‏ في رواية مالك عن أبي الزبير عن طاوس‏:‏ إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل، وظاهر السياق أنه كان يقوله أول ما يقوم إلى الصلاة‏.‏

وترجم عليه ابن خزيمة‏:‏ الدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول هذا التحميد بعد أن يكبر، ثم ساقه من طريق قيس بن سعد، عن طاوس، عن ابن عباس قال‏:‏

‏"‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام للتهجد قال بعد ما يكبر‏:‏ اللهم لك الحمد ‏"‏ وسيأتي هذا في الدعوات من طريق كريب عن ابن عباس في حديث‏:‏ ‏(‏مبيته عند النبي صلى الله عليه وسلم في بيت ميمونة‏)‏ ، وفي آخره ‏"‏ وكان في دعائه‏:‏ اللهم اجعل في قلبي نورا ‏"‏ الحديث‏.‏

وهذا قاله لما أراد أن يخرج إلى صلاة الصبح، كما بينه مسلم من رواية علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قيم السموات‏)‏ في رواية أبي الزبير المذكورة ‏"‏ قيام السموات ‏"‏ وسيأتي الكلام عليه في التوحيد، قال قتادة‏:‏ القيام‏:‏ القائم بنفسه بتدبير خلقه المقيم لغيره‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أنت نور السموات والأرض‏)‏ أي‏:‏ منورهما، وبك يهتدي من فيهما‏.‏

وقيل‏:‏ المعنى أنت المنزه عن كل عيب، يقال‏:‏ فلان منور، أي‏:‏ مبرأ من كل عيب، ويقال‏:‏ هو اسم مدح، تقول‏:‏ فلان نور البلد أي مزينه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أنت ملك السموات‏)‏ كذا للأكثر، وللكشميهني ‏"‏ لك ملك السموات ‏"‏ والأول أشبه بالسياق‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أنت الحق‏)‏ أي‏:‏ المتحقق الوجود الثابت بلا شك فيه، قال القرطبي‏:‏ هذا الوصف له سبحانه وتعالى بالحقيقة خاص به لا ينبغي لغيره، إذ وجوده لنفسه فلم يسبقه عدم ولا يلحقه عدم بخلاف غيره‏.‏

وقال ابن التين‏:‏ يحتمل أن يكون معناه‏:‏ أنت الحق بالنسبة إلى من يدعي فيه أنه إله، أو بمعنى أن من سماك إلها فقد قال الحق‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ووعدك الحق‏)‏ أي الثابت، وعرفه ونكر ما بعده لأن وعده مختص بالإنجاز دون وعد غيره، والتنكير في البواقي للتعظيم‏.‏ قاله الطيبي‏.‏

واللقاء وما ذكر بعده داخل تحت الوعد، لكن الوعد مصدر وما ذكر بعده هو الموعود به، ويحتمل أن يكون من الخاص بعد العام، كما أن ذكر القول بعد الوعد من العام بعد الخاص، قاله الكرماني‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولقاؤك حق‏)‏ فيه الإقرار بالبعث بعد الموت، وهو عبارة عن مآل الخلق في الدار الآخرة بالنسبة إلى الجزاء على الأعمال‏.‏

وقيل‏:‏ معنى ‏"‏ لقاؤك حق ‏"‏ أي الموت، وأبطله النووي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقولك حق‏)‏ تقدم ما فيه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والجنة حق والنار حق‏)‏ فيه إشارة إلى أنهما موجودتان، وسيأتي البحث فيه في بدء الخلق‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ومحمد صلى الله عليه وسلم حق‏)‏ خصه بالذكر تعظيما له، وعطفه على النبيين إيذانا بالتغاير بأنه فائق عليهم بأوصاف مختصة وجرده عن ذاته كأنه غيره، ووجب عليه الإيمان به وتصديقه مبالغة في إثبات نبوته كما في التشهد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والساعة حق‏)‏ أي‏:‏ يوم القيامة، وأصل الساعة‏:‏ القطعة من الزمان، وإطلاق اسم الحق على ما ذكر من الأمور معناه أنه لا بد من كونها وأنها مما يجب أن يصدق بها‏.‏و تكرار لفظ حق للمبالغة في التأكيد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏اللهم لك أسلمت‏)‏ أي‏:‏ انقدت وخضعت، ‏(‏وبك آمنت‏)‏ أي‏:‏ صدقت، ‏(‏وعليك توكلت‏)‏ أي‏:‏ فوضت الأمر إليك تاركا للنظر في الأسباب العادية، ‏(‏وإليك أنبت‏)‏ ‏:‏ أي رجعت إليك في تدبير أمري‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وبك خاصمت‏)‏ أي‏:‏ بما أعطيتني من البرهان، وبما لقنتني من الحجة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وإليك حاكمت‏)‏ أي‏:‏ كل من جحد الحق حاكمته إليك وجعلتك الحكم بيننا، لا من كانت الجاهلية تتحاكم إليه من كاهن ونحوه‏.‏‏(‏3/5‏)‏

وقدم مجموع صلات هذه الأفعال عليها إشعارا بالتخصيص وإفادة للحصر، وكذا قوله‏:‏ ‏(‏ولك الحمد‏)‏ و قوله‏:‏ ‏(‏فاغفر لي‏)‏ قال ذلك مع كونه مغفورا له، إما على سبيل التواضع والهضم لنفسه وإجلالا وتعظيما لربه، أو على سبيل التعليم لأمته لتقتدي به كذا قيل، والأولى أنه لمجموع ذلك، وإلا لو كان للتعليم فقط لكفى فيه أمرهم بأن يقولوا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وما قدمت‏)‏ أي‏:‏ قبل هذا الوقت ‏(‏وما أخرت‏)‏ عنه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وما أسررت وما أعلنت‏)‏ أي‏:‏ أخفيت وأظهرت، أو ما حدثت به نفسي وما تحرك به لساني‏.‏

زاد في التوحيد من طريق ابن جريج عن سليمان ‏"‏ وما أنت أعلم به مني ‏"‏ وهو من العام بعد الخاص أيضا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أنت المقدم وأنت المؤخر‏)‏ قال المهلب‏:‏ أشار بذلك إلى نفسه لأنه المقدم في البعث في الآخرة والمؤخر في البعث في الدنيا‏.‏

زاد في رواية ابن جريج أيضا في الدعوات ‏"‏ أنت إلهي لا إله لي غيرك‏"‏‏.‏

قال الكرماني‏:‏ هذا الحديث من جوامع الكلم، لأن لفظ القيم إشارة إلى أن وجود الجواهر وقوامها منه، والنور إلى أن الأعراض أيضا منه، والملك إلى أنه حاكم عليها إيجادا وإعداما يفعل ما يشاء، وكل ذلك من نعم الله على عباده، فلهذا قرن كلا منها بالحمد وخصص الحمد به‏.‏

ثم قوله ‏"‏ أنت الحق ‏"‏ إشارة إلى المبدأ، والقول ونحوه إلى المعاش، والساعة ونحوها إشارة إلى المعاد، وفيه الإشارة إلى النبوة وإلى الجزاء ثوابا وعقابا ووجوب الإيمان والإسلام والتوكل والإنابة والتضرع إلى الله والخضوع له انتهى‏.‏

وفيه زيادة معرفة النبي صلى الله عليه وسلم بعظمة ربه وعظيم قدرته ومواظبته على الذكر والدعاء والثناء على ربه والاعتراف له بحقوقه والإقرار بصدق وعده ووعيده، وفيه استحباب تقديم الثناء على المسألة عند كل مطلوب اقتداء به صلى الله عليه وسلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال سفيان، وزاد عبد الكريم أبو أمية‏)‏ هذا موصول بالإسناد الأول ووهم من زعم أنه معلق، وقد بين ذلك الحميدي في مسنده عن سفيان قال ‏"‏ حدثنا سليمان الأحول خال ابن أبي نجيح سمعت طاوسا ‏"‏ فذكر الحديث وقال في آخره ‏"‏ قال سفيان‏:‏ وزاد فيه عبد الكريم ولا حول ولا قوة إلا بك ‏"‏ ولم يقلها سليمان‏.‏

وأخرجه أبو نعيم في المستخرج من طريق إسماعيل القاضي، عن علي بن عبد الله بن المديني شيخ البخاري فيه فقال في آخره‏:‏ قال سفيان‏:‏ وكنت إذا قلت لعبد الكريم آخر حديث سليمان ‏"‏ ولا إله غيرك ‏"‏ قال ‏"‏ ولا حول ولا قوة إلا بالله ‏"‏ قال سفيان‏:‏ وليس هو في حديث سليمان انتهى‏.‏



ومقتضى ذلك أن عبد الكريم لم يذكر إسناده في هذه الزيادة لكنه على الاحتمال‏.‏

ولا يلزم من عدم سماع سفيان لها من سليمان أن لا يكون سليمان حدث بها، وقد وهم بعض أصحاب سفيان فأدرجها في حديث سليمان أخرجه الإسماعيلي، عن الحسن بن سفيان، عن محمد بن عبد الله بن نمير، عن سفيان فذكرها في آخر الخبر بغير تفصيل، وليس لعبد الكريم أبي أمية - وهو ابن أبي المخارق - في صحيح البخاري إلا هذا الموضع، ولم يقصد البخاري التخريج له فلأجل ذلك لا يعدونه في رجاله، وإنما وقعت عنه زيادة في الخبر غير مقصودة لذاتها كما تقدم مثله للمسعودي في الاستسقاء، وسيأتي نحوه للحسن بن عمارة في البيوع، وعلم المزي على هؤلاء علامة التعليق وليس بجيد، لأن الرواية عنهم موصولة، إلا أن البخاري لم يقصد التخريج عنهم، ومن هنا يعلم أن قول المنذري‏:‏ قد استشهد البخاري بعبد الكريم أبي أمية في كتاب التهجد ليس بجيد لأنه لم يستشهد به إلا إن أراد بالاستشهاد مقابل الاحتجاج فله وجه، وأما قول ابن طاهر‏:‏ أن البخاري ومسلما أخرجا لعبد الكريم هذا في الحج حديثا واحدا عن مجاهد عن ابن أبي ليلى عن علي في القيام على البدن من رواية ابن عيينة، عن عبد الكريم فهو غلط منه، فإن عبد الكريم المذكور هو الجزري‏.‏

والله المستعان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال سفيان‏)‏ هو موصول أيضا، وإنما أراد سفيان بذلك بيان سماع سليمان له من طاوس لإيراده له أولا بالعنعنة‏.‏‏(‏3/6‏)‏

ووقع في رواية الحميدي التصريح بالسماع كما تقدم‏.‏

ولأبي ذر وحده هنا قال علي بن خشرم، قال سفيان إلخ‏.‏

ولعل هذه الزيادة عن الفربري فإن علي بن خشرم لم يذكروه في شيوخ البخاري، وأما الفربري فقد سمع من علي بن خشرم كما سيأتي في أحاديث الأنبياء في قصة موسى والخضر، فكأن هذا الحديث أيضا كان عنده عاليا عن علي بن خشرم، عن سفيان فذكره لأجل العلو‏.‏

والله أعلم‏.‏

*3*التهجد Up باب فَضْلِ قِيَامِ اللَّيْلِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب فضل قيام الليل‏)‏ أورد فيه حديث سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه في رؤياه، وفيه ‏"‏ فقال‏:‏ نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل، فكان بعد لا ينام من الليل إلا قليلا ‏"‏ وظاهره أن قوله ‏"‏ فكان بعد لا ينام إلخ ‏"‏ من كلام سالم، لكن وقع في التعبير من رواية البخاري عن عبد الله بن محمد شيخه هنا بإسناده هذا ‏"‏ قال الزهري‏:‏ فكان عبد الله بعد ذلك يكثر الصلاة من الليل ‏"‏ ومقتضاه أن في السياق الأول إدراجا، لكن أورده في المناقب من رواية عبد الرزاق وفي آخره ‏"‏ قال سالم‏:‏ وكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلا ‏"‏ فظهر أن لا إدراج فيه، وأيضا فكلام سالم في ذلك مغاير لكلام الزهري فانتفى الإدراج عنه أصلا ورأسا، وشاهد الترجمة قوله ‏"‏ نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل ‏"‏ فمقتضاه أن من كان يصلي من الليل يوصف بكونه نعم الرجل‏.‏

وفي رواية نافع، عن ابن عمر في التعبير ‏"‏ أن عبد الله رجل صالح لو كان يصلي من الليل ‏"‏ وهو أبين في المقصود، وكأن المصنف لم يصح عنده حديث صريح في هذا الباب فاكتفى بحديث ابن عمر، وقد أخرج فيه مسلم حديث أبي هريرة ‏"‏ أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ‏"‏ وكأن البخاري توقف فيه للاختلاف في وصله وإرساله وفي رفعه ووقفه‏.‏

الحديث‏:‏

-1121-حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ‏.‏ ح، و حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ‏:‏ ‏(‏كَانَ الرَّجُلُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَى رُؤْيَا قَصَّهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَرَى رُؤْيَا فَأَقُصَّهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكُنْتُ غُلَامًا شَابًّا، وَكُنْتُ أَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَخَذَانِي فَذَهَبَا بِي إِلَى النَّارِ، فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ الْبِئْرِ، وَإِذَا لَهَا قَرْنَانِ، وَإِذَا فِيهَا أُنَاسٌ قَدْ عَرَفْتُهُمْ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ‏:‏ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ النَّارِ‏.‏ قَالَ‏:‏ فَلَقِيَنَا مَلَكٌ آخَرُ، فَقَالَ لِي‏:‏ لَمْ تُرَعْ‏)‏‏.‏

-1122- ‏(‏فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ‏:‏ نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ‏.‏ فَكَانَ بَعْدُ لَا يَنَامُ مِنْ اللَّيْلِ إِلَّا قَلِيلًا‏)‏

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الله بن محمد‏)‏ هو الجعفي، وهشام هو ابن يوسف الصنعاني، ومحمود هو ابن غيلان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كان الرجل‏)‏ اللام للجنس ولا مفهوم له وإنما ذكر للغالب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فتمنيت أن أرى‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ أني أرى ‏"‏ وزاد في التعبير من وجه آخر ‏"‏ فقلت في نفسي لو كان فيك خير لرأيت مثل ما يرى هؤلاء ‏"‏ ويؤخذ منه أن الرؤيا الصالحة تدل على خير رائيها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كأن ملكين‏)‏ لم أقف على تسميتهما‏.‏‏(‏3/7‏)‏

قوله‏:‏ ‏(‏فذهبا بي إلى النار فإذا هي مطوية‏)‏ في رواية أيوب، عن نافع، الآتية قريبا ‏"‏ كأن اثنين أتياني أرادا أن يذهبا بي إلى النار فتلقاهما ملك فقال‏:‏ لن تراع، خليا عنه ‏"‏ وظاهر هذا أنهما لم يذهبا به، ويجمع بينهما بحمل الثاني على إدخاله فيها فالتقدير أن يذهبا بي إلى النار فيدخلاني فيها، فلما نظرتها فإذا هي مطوية، ورأيت من فيها واستعذت، فلقينا ملك آخر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإذا هي مطوية‏)‏ أي‏:‏ مبنية، والبئر قبل أن تبنى تسمى قليبا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وإذا لها قرنان‏)‏ هكذا للجمهور، وحكى الكرماني‏:‏ أن في نسخة

‏"‏ قرنين ‏"‏ فأعربها بالجر أو بالنصب على أن فيه شيئا مضافا حذف، وترك المضاف إليه على ما كان عليه، وتقديره‏:‏ فإذا لها مثل قرنين، وهو كقراءة من قرأ ‏(‏تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة‏)‏ بالجر أي يريد عرض الآخرة، أو ضمن إذا المفاجأة معنى الوجدان أي فإذا بي وجدت لها قرنين انتهى‏.‏

والمراد بالقرنين هنا‏:‏ خشبتان أو بناءان تمد عليهما الخشبة العارضة التي تعلق فيها الحديدة التي فيها البكرة، فإن كانا من بناء فهما القرنان وإن كانا من خشب فهما الزرنوقان بزاي منقوطة قبل المهملة ثم نون ثم قاف، وقد يطلق على الخشبة أيضا القرنان‏.‏

وسيأتي مزيد لذلك في شرح حديث أبي أيوب في غسل المحرم في ‏"‏ باب الاغتسال للمحرم ‏"‏ من كتاب الحج‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وإذا فيها أناس قد عرفتهم‏)‏ لم أقف على تسمية أحد منهم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لم ترع‏)‏ بضم أوله وفتح الراء بعدها مهملة ساكنة أي لم تخف، والمعنى‏:‏ لا خوف عليك بعد هذا‏.‏

وفي رواية الكشميهني‏:‏ في التعبير ‏"‏ لن تراع ‏"‏ وهي رواية الجمهور بإثبات الألف، ووقع في رواية القابسي ‏"‏ لن ترع ‏"‏ بحذف الألف‏.‏

قال ابن التين‏:‏ وهي لغة قليلة - أي الجزم بلن - حتى قال القزاز‏:‏ لا أعلم له شاهدا‏.‏

وتعقب بقول الشاعر‏:‏

لن يخب الآن من رجائك من * حرك من دون بابك الحلقة

وبقول الآخر‏:‏ ولن يحل للعينين بعدك منظر‏.‏

وزاد فيه ‏"‏ إنك رجل صالح ‏"‏ وسيأتي بعد بضعة عشر بابا بزيادة فيه ونقصان‏.‏

قال القرطبي‏:‏ إنما فسر الشارع من رؤيا عبد الله ما هو ممدوح لأنه عرض على النار ثم عوفي منها، وقيل له لا روع عليك وذلك لصلاحه، غير أنه لم يكن يقوم من الليل فحصل لعبد الله من ذلك تنبيه على أن قيام الليل بما يتقي به النار والدنو منها فلذلك لم يترك قيام الليل بعد ذلك‏.‏

وأشار المهلب إلى أن السر في ذلك كون عبد الله كان ينام في المسجد ومن حق المسجد أن يتعبد فيه فنبه على ذلك بالتخويف بالنار‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لو كان‏)‏ لو للتمني لا للشرط ولذلك لم يذكر الجواب، وفي هذا الحديث أن قيام الليل يدفع العذاب، وفيه تمني الخير والعلم، وسيأتي باقي الكلام عليه مستوفى في كتاب التعبير إن شاء الله تعالى‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ سياق هذا المتن على لفظ محمود، وأما سياق عبد الله بن محمد فسيأتي في التعبير، وأغفل المزي في الأطراف طريق محمود هذه وهي واردة عليه‏.‏

*3*3_التهجد Up باب طُولِ السُّجُودِ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب طول السجود في قيام الليل‏)‏ أورد فيه حديث عائشة وفيه ‏"‏ كان يسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية ‏"‏ وهو دال على ما ترجم له، وقد تقدم من حديثها في أبواب صفة الصلاة أنه صلى الله عليه وسلم كان يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده ‏"‏ سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي ‏"‏ وفي مسند أحمد، من طريق محمد بن عباد، عن عائشة قالت‏:‏ ‏"‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في صلاة الليل في سجوده‏:‏ سبحانك لا إله إلا أنت ‏"‏ رجاله ثقات‏.‏

الحديث‏:‏

-1123- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَخْبَرَتْهُ‏:‏

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، كَانَتْ تِلْكَ صَلَاتَهُ، يَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أَحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ، وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ‏.‏ ثُمَّ يَضْطَجِعُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُنَادِي لِلصَّلَاةِ‏.‏

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏ويركع ركعتين قبل صلاة الفجر ثم يضطجع‏)‏ سيأتي الكلام عليه في آخر أبواب التهجد إن شاء الله تعالى‏.‏‏(‏3/8‏)‏

*3*4_التهجد Up باب تَرْكِ الْقِيَامِ لِلْمَرِيضِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب ترك القيام‏)‏ أي قيام المريض‏.‏

الحديث‏:‏

-1124_حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الْأَسْوَدِ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ جُنْدَبًا، يَقُولُ‏:‏

اشْتَكَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَةً أَوْ لَيْلَتَيْنِ‏.‏

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن الأسود‏)‏ هو‏:‏ ابن قيس، وجندب هو‏:‏ ابن عبد الله البجلي كما في الإسناد الذي بعده، وسفيان هو‏:‏ الثوري فيهما، ووهم من زعم أنه‏:‏ ابن عيينة‏.‏

ووقع التصريح بسماع الأسود، له من جندب، في طريق زهير عنه في التفسير‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ أي مرض، ووقع في رواية قيس بن الربيع التي سيأتي التنبيه عليها بلفظ ‏"‏ مرض ‏"‏ ولم أقف في شيء من طرق هذا الحديث على تفسير هذه الشكاية، لكن وقع في الترمذي من طريق ابن عيينة، عن الأسود، في أول هذا الحديث عن جندب، قال‏:‏ ‏"‏ كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار، فدميت إصبعه فقال‏:‏ هل أنت إلا إصبع دميت، وفي سبيل الله ما لقيت‏"‏‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏ وأبطأ عليه جبريل فقال المشركون قد ودع محمد فأنزل الله ‏(‏ما ودعك ربك‏)‏ ‏"‏ انتهى، فظن بعض الشراح أن هذا بيان للشكاية المجملة في الصحيح، وليس كما ظن، فان في طريق عبد الله بن شداد التي يأتي التنبيه عليها أن نزول هذه السورة كان في أوائل البعثة، وجندب لم يصحب النبي صلى الله عليه وسلم إلا متأخرا، كما حكاه البغوي في ‏"‏ معجم الصحابة ‏"‏ عن الإمام أحمد، فعلى هذا هما قضيتان حكاهما جندب إحداهما مرسلة والأخرى موصولة لأن الأولى لم يحضرها فروايته لها مرسلة من مراسيل الصحابة، والثانية شهدها كما ذكر أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم ولا يلزم من عطف إحداهما على الأخرى في رواية سفيان اتحادهما والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلم يقم ليلة أو ليلتين‏)‏ هكذا اختصره المصنف وقد ساقه في فضائل القرآن تاما

الحديث‏:‏

-1124-حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ‏:‏

احْتَبَسَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَبْطَأَ عَلَيْهِ شَيْطَانُهُ، فَنَزَلَتْ وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى‏.‏

الشرح‏:‏

أخرجه عن أبي نعيم شيخه فيه هنا بإسناده المذكور فزاد ‏"‏ فأتته امرأة فقالت‏:‏ يا محمد، ما أرى شيطانك إلا قد تركك، فأنزل الله تعالى ‏(‏والضحى‏)‏ إلى قوله‏:‏ ‏(‏وما قلى‏)‏‏"‏، ثم أخرجه المصنف هنا عن محمد بن كثير، عن سفيان، بلفظ آخر وهو‏:‏ ‏"‏ احتبس جبريل عن النبي صلى الله عليه وسلم فقالت امرأة من قريش ‏"‏ الحديث‏.‏ ‏(‏3/9‏)‏

وقد وافق أبا نعيم أبو أسامة عند أبي عوانة، ووافق محمد بن كثير وكيـع عند الإسماعيلي، ورواية زهير التي أشرنا إليها في التفسير كرواية أبي نعيم، لكن قال فيها ‏"‏ فلم يقم ليلة أو ليلتين أو ثلاثا ‏"‏ ورواية ابن عيينة، عن الأسود عند مسلم كرواية محمد بن كثير، فالظاهر أن الأسود حدث به على الوجهين فحمل عنه كل واحد ما لم يحمله الآخر، وحمل عنه سفيان الثوري الأمرين فحدث به مرة هكذا ومرة هكذا، وقد رواه شعبة عن الأسود على لفظ آخر أخرجه المصنف في التفسير قال ‏"‏ قالت امرأة‏:‏ يا رسول الله ما أرى صاحبك إلا أبطأ عنك‏"‏‏.‏ وزاد النسائي في أوله ‏"‏ أبطأ جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم فقالت امرأة ‏"‏ الحديث‏.‏

وهذه المرأة فيما ظهر لي غير المرأة المذكورة في حديث سفيان، لأن هذه المرأة عبرت بقولها ‏"‏ صاحبك ‏"‏ وتلك عبرت بقولها ‏"‏ شيطانك‏"‏‏.‏

وهذه عبرت بقولها ‏"‏ يا رسول الله ‏"‏ وتلك عبرت بقولها ‏"‏ يا محمد‏"‏‏.‏

وسياق الأولى يشعر بأنها قالته تأسفا وتوجعا - وسياق الثانية يشعر بأنها قالته تهكما وشماتة‏.‏

وقد حكى ابن بطال عن تفسير بقي بن مخلد قال ‏"‏ قالت خديجة للنبي صلى الله عليه وسلم حين أبطأ عنه الوحي‏:‏ إن ربك قد قلاك، فنزلت والضحى ‏"‏ وقد تعقبه ابن المنير ومن تبعه بالإنكار، لأن خديجة قوية الإيمان لا يليق نسبة هذا القول إليها، لكن إسناد ذلك قوي أخرجه إسماعيل القاضي في أحكامه والطبري في تفسيره وأبو داود في أعلام النبوة له كلهم من طريق عبد الله بن شداد بن الهاد وهو من صغار الصحابة والإسناد إليه صحيح، وأخرجه أبو داود، أيضا من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، لكن ليس عند أحد منهم أنها عبرت بقولها ‏"‏ شيطانك ‏"‏ وهذه هي اللفظة المستنكرة في الخبر‏.‏

وفي رواية إسماعيل وغيره ‏"‏ ما أرى صاحبك ‏"‏ بدل ‏"‏ ربك ‏"‏ والظاهر أنها عنت بذلك جبريل‏.‏

وأغرب سنيد بن داود فيما حكاه ابن بشكوال فروى في تفسيره عن وكيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن عائشة، قالت للنبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وغلط سنيد في ذلك فقد رواه الطبري عن أبي كريب، عن وكيع، فقال فيه ‏"‏ قالت خديجة ‏"‏ وكذلك أخرجه ابن أبي حاتم، من طريق أبي معاوية، عن هشام، وأما المرأة المذكورة في حديث سفيان التي عبرت بقولها ‏"‏ شيطانك ‏"‏ فهي أم جميل العوراء بنت حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، وهي أخت أبي سفيان بن حرب وامرأة أبي لهب كما روى الحاكم من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن زيد بن أرقم، قال ‏"‏ قالت امرأة أبي لهب لما مكث النبي صلى الله عليه وسلم أياما لم ينزل عليه الوحي‏:‏ يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد قلاك، فنزلت والضحى ‏"‏ رجاله ثقات وفي تفسير الطبري من طريق المفضل بن صالح، عن الأسود، في حديث الباب ‏"‏ فقالت امرأة من أهله ومن قومه ‏"‏ ولا شك أن أم جميل من قومه لأنها من بني عبد مناف‏.‏

وعند ابن عساكر أنها إحدى عماته، وقد وقفت على مستنده في ذلك، وهو ما أخرجه قيس بن لربيع، في مسنده عن الأسود بن قيس راويه، وأخرجه الفريابي شيخ البخاري في تفسيره عنه ولفظه ‏"‏ فأتته إحدى عماته أو بنات عمه فقالت‏:‏ إني لأرجو أن يكون شيطانك قد ودعك‏"‏‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ استشكل أبو القاسم بن الورد مطابقة حديث جندب للترجمة، وتبعه ابن التين فقال‏:‏ احتباس جبريل ليس ذكره في هذا الباب في موضعه انتهى‏.‏

وقد ظهر بسياق تكملة المتن وجه المطابقة، وذلك أنه أراد أن ينبه على أن الحديث واحد لاتحاد مخرجه وإن كان السبب مختلفا لكنه في قصة واحدة كما أوضحناه، وسيأتي بقية الكلام على حديث جندب في التفسير إن شاء الله تعالى‏.‏

وقد وقع في رواية قيس بن الربيع التي ذكرتها ‏"‏ فلم يطق القيام وكان يحب التهجد‏"‏‏.‏‏(‏3/10‏)‏

*3*5_التهجد Up باب تَحْرِيضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالنَّوَافِلِ مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ

وَطَرَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ وَعَلِيًّا عَلَيْهِمَا السَّلَام لَيْلَةً لِلصَّلَاةِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب تحريض النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ يعني أمته أو المؤمنين ‏(‏على قيام الليل‏)‏ في رواية الأصيلي وكريمة ‏"‏ صلاة الليل والنوافل من غير إيجاب ‏"‏ قال ابن المنير‏:‏ اشتملت الترجمة على أمرين‏:‏ التحريض، ونفي الإيجاب‏.‏

فحديث أم سلمة وعلي للأول، وحديث عائشة للثاني‏.‏

قلت‏:‏ بل يؤخذ من الأحاديث الأربعة نفي الإيجاب، ويؤخذ التحريض من حديثي عائشة من قولها ‏"‏ كان يدع العمل وهو يحبه ‏"‏ لأن كل شيء أحبه استلزم التحريض عليه لولا ما عارضه من خشية الافتراض كما سيأتي تقريره، وقد تقدم حديث أم سلمة والكلام عليه في كتاب العلم‏.‏

قال ابن رشيد‏:‏ كأن البخاري فهم أن المراد بالإيقاظ الإيقاظ للصلاة لا لمجرد الإخبار بما أنزل، لأنه لو كان لمجرد الإخبار لكان يمكن تأخيره إلى النهار لأنه لا يفوت‏.‏

قال‏:‏ ويحتمل أن يقال إن لمشاهدة حال المخبر حينئذ أثرا لا يكون عند التأخير، فيكون الإيقاظ في الحال أبلغ لوعيهن ما يخبرهن به ولسمعهن ما يعظهن به‏.‏

ويحتمل أن يكون مراد البخاري بقوله ‏"‏ قيام الليل ‏"‏ ما هو أعم من الصلاة والقراءة والذكر وسماع الموعظة والتفكر في الملكوت وغير ذلك، ويكون قوله ‏"‏ والنوافل ‏"‏ من عطف الخاص على العام‏.‏

قلت‏:‏ وهذا على رواية الأكثر كما بينته، لا على رواية الأصيلي وكريمة‏.‏‏(‏3/11‏)‏

وما نسبه إلى فهم البخاري أولا هو المعتمد، فإنه وقع في رواية شعيب، عن الزهري، عند المصنف في الأدب وغيره في هذا الحديث ‏"‏ من يوقظ صواحب الحجر ‏"‏ يريد أزواجه حتى يصلين، فظهرت مطابقة الحديث للترجمة، وأن فيه التحريض على صلاة الليل، وعدم الإيجاب يؤخذ من ترك إلزامهن بذلك‏.‏

وجرى البخاري على عادته في الحوالة على ما ورد في بعض طرق الحديث الذي يورده، وستأتي بقية فوائد حديث أم سلمة في الفتن‏.‏

وعبد الله المذكور في إسناده هو ابن المبارك، وأما حديث علي فعلي بن الحسين المذكور في إسناده هو‏:‏ زين العابدين، وهذا من أصح الأسانيد ومن أشرف التراجم الواردة فيمن روى عن أبيه، عن جده‏.‏

وحكى الدارقطني أن كاتب الليث رواه عن الليث، عن عقيل، عن الزهري، فقال ‏"‏ عن علي بن الحسين، عن الحسن بن علي ‏"‏ وكذا وقع في رواية حجاج بن أبي منيع، عن جده الزهري، في تفسير ابن مردويه، وهو وهم والصواب ‏"‏ عن الحسين ‏"‏ ويؤيده رواية حكيم بن حكيم، عن الزهري، عن علي بن الحسين، عن أبيه، أخرجها النسائي والطبري‏.‏

الحديث‏:‏

-1126_حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْحَارِثِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا‏:‏

أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَيْقَظَ لَيْلَةً فَقَالَ‏:‏ سُبْحَانَ اللَّهِ، مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنْ الْفِتْنَةِ، مَاذَا أُنْزِلَ مِنْ الْخَزَائِنِ، مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الْحُجُرَاتِ‏؟‏ يَا رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الْآخِرَةِ‏.‏

الشرح‏:‏

حديث أم سلمة تقدم الكلام عليه في كتاب العلم‏.‏

الحديث‏:‏

-1127_حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، أَخْبَرَهُ‏:‏

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ بِنْتَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَام لَيْلَةً فَقَالَ أَلَا تُصَلِّيَانِ‏؟‏ فَقُلْتُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ، فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا‏.‏ فَانْصَرَفَ حِينَ قُلْنَا ذَلِكَ وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا، ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُوَلٍّ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَهُوَ يَقُولُ‏:‏ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جدلاً‏.‏

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏طرقه وفاطمة‏)‏ بالنصب عطفا على الضمير، والطروق الإتيان بالليل، وعلى هذا فقوله ليلة للتأكيد‏.‏

وحكى ابن فارس أن معنى ‏"‏ طرق ‏"‏ أتى، فعلى هذا يكون قوله ‏"‏ ليلة ‏"‏ لبيان وقت المجيء‏.‏

ويحتمل أن يكون المراد بقوله ليلة أي‏:‏ مرة واحدة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ألا تصليان‏)‏ قال ابن بطال‏:‏ فيه فضيلة صلاة الليل وإيقاظ النائمين من الأهل والقرابة لذلك‏.‏

ووقع في رواية حكيم بن حكيم المذكورة ‏"‏ ودخل النبي صلى الله عليه وسلم علي وعلى فاطمة من الليل فأيقظنا للصلاة، ثم رجع إلى بيته فصلى هوياً من الليل فلم يسمع لنا حساً، فرجع إلينا فأيقظنا ‏"‏ الحديث‏.‏

قال الطبري‏:‏ لولا ما علم النبي صلى الله عليه وسلم من عظم فضل الصلاة في الليل ما كان يزعج ابنته وابن عمه في وقت جعله الله لخلقه سكناً، لكنه اختار لهما إحراز تلك الفضيلة على الدعة والسكون امتثالا لقوله تعالى ‏(‏وأمر أهلك بالصلاة‏)‏ الآية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أنفسنا بيد الله‏)‏ اقتبس علي ذلك من قوله تعالى ‏(‏الله يتوفى الأنفس حين موتها‏)‏ الآية‏.‏

ووقع في رواية حكيم المذكورة ‏"‏ قال علي‏:‏ فجلست وأنا أعرك عيني وأنا أقول‏:‏ والله ما نصلي إلا ما كتب الله لنا، إنما أنفسنا بيد الله ‏"‏ وفيه إثبات المشيئة لله، وأن العبد لا يفعل شيئاً إلا بإرادة الله‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بعثنا‏)‏ بالمثلثة أي أيقظنا، وأصله إثارة الشيء من موضعه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حين قلت‏)‏ في رواية كريمة ‏"‏ حين قلنا‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولم يرجع‏)‏ بفتح أوله أي‏:‏ لم يجبني، وفيه أن‏:‏ السكوت يكون جوابا، والإعراض عن القول الذي لا يطابق المراد وإن كان حقا في نفسه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يضرب فخذه‏)‏ فيه جواز ضرب الفخذ عند التأسف‏.‏

وقال ابن التين‏:‏ كره احتجاجه بالآية المذكورة، وأراد منه أن ينسب التقصير إلى نفسه‏.‏

وفيه جواز الانتزاع من القرآن، وترجيح قول من قال إن اللام في قوله‏:‏ ‏(‏وكان الإنسان‏)‏ للعموم لا لخصوص الكفار‏.‏

وفيه منقبة لعلي حيث لم يكتم ما فيه عليه أدنى غضاضة فقدم مصلحة نشر العلم وتبليغه على كتمه‏.‏

ونقل ابن بطال، عن المهلب، قال‏:‏ فيه أنه ليس للإمام أن يشدد في النوافل حيث قنع صلى الله عليه وسلم بقول علي رضي الله عنه‏:‏ ‏"‏ أنفسنا بيد الله ‏"‏ لأنه كلام صحيح في العذر عن التنفل، ولو كان فرضا ما عذره‏.‏

قال‏:‏ وأما ضربه فخذه وقراءته الآية فدال على أنه ظن أنه أحرجهم فندم على إنباههم، كذا قال، وأقره ابن بطال، وليس بواضح، وما تقدم أولى‏.‏

وقال النووي‏:‏ المختار أنه ضرب فخذه تعجبا من سرعة جوابه وعدم موافقته له على الاعتذار بما اعتذر به، والله أعلم‏.‏

وأما حديث عائشة الأول فيشتمل على حديثين‏:‏ أحدهما ترك العمل خشية افتراضه‏.‏

ثانيهما ذكر صلاة الضحى‏.‏

وهذا الثاني سيأتي الكلام عليه في ‏"‏ باب من لم يصل الضحى‏"‏‏.‏

وقوله في الأول ‏(‏إن‏)‏ بكسر الهمزة وهي المخففة من الثقيلة، وفيها ضمير الشأن‏.‏‏(‏3/12‏)‏

الحديث‏:‏

-1128_حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ ابْنِ شهاب، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عائشة رضي اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ‏:‏

إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَدَعُ الْعَمَلَ وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ خَشْيَةَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ فَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ، وَمَا سَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبْحَةَ الضُّحَى قَطُّ وَإِنِّي لَأُسَبِّحُهَا‏.‏

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏ليدع‏)‏ بفتح اللام أي‏:‏ يترك، و قوله‏:‏ ‏(‏خشية‏)‏ النصب متعلق بقوله ليدع، و قوله‏:‏ ‏(‏فيفرض‏)‏ بالنصب عطفا على يعمل، وسيأتي الكلام على فوائده في الحديث الذي بعده‏.‏

وزاد فيه مالك في الموطأ ‏"‏ قالت وكان يحب ما خف على الناس‏"‏‏.‏

وأما حديث عائشة الثاني فهو بإسناد الذي قبله‏.‏

الحديث‏:‏

-1129_حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا‏:‏

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنْ الْقَابِلَةِ فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ، وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنْ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ‏.‏

الشرح‏:‏

و قوله‏:‏ ‏(‏صلى ذات ليلة في المسجد‏)‏ تقدم قبيل صفة الصلاة من رواية عمرة، عن عائشة، ‏"‏ أنه صلى في حجرته ‏"‏ وليس المراد بها بيته وإنما المراد الحصير التي كان يحتجرها بالليل في المسجد فيجعلها على باب بيت عائشة فيصلي فيه ويجلس عليه بالنهار، وقد ورد ذلك مبينا من طريق سعيد المقبري، عن أبي سلمة، عن عائشة، وهو عند المصنف في كتاب اللباس ولفظه ‏"‏ كان يحتجر حصيرا بالليل فيصلي عليه ويبسطه بالنهار فيجلس عليه ‏"‏ ولأحمد، من طريق محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن عائشة ‏"‏ فأمرني أن أنصب له حصيرا على باب حجرتي ففعلت فخرج ‏"‏ فذكر الحديث‏.‏

قال النووي‏:‏ معنى يحتجر يحوط موضعا من المسجد بحصير يستره ليصلي فيه ولا يمر بين يديه مار ليتوفر خشوعه ويتفرغ قلبه‏.‏

وتعقبه الكرماني بأن لفظ الحديث لا يدل على أن احتجاره كان في المسجد قال‏:‏ ولو كان كذلك للزم منه أن يكون تاركا للأفضل الذي أمر الناس به حيث قال ‏"‏ فصلوا في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ‏"‏ ثم أجاب بأنه إن صح أنه كان في المسجد فهو إذا احتجر صار كأنه بيت بخصوصيته، أو أن السبب في كون صلاة التطوع في البيت أفضل عدم شوبه بالرياء غالبا، والنبي صلى الله عليه وسلم منزه عن الرياء في بيته وفي غير بيته‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم صلى من القابلة‏)‏ أي من الليلة المقبلة، وهو لفظ معمر، عن ابن شهاب، عند أحمد‏.‏

وفي رواية المستملي ‏"‏ ثم صلى من القابل ‏"‏ أي الوقت‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة‏)‏ كذا رواه مالك بالشك‏.‏

وفي رواية عقيل، عن ابن شهاب كما تقدم في الجمعة ‏"‏ فصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا ‏"‏ ولمسلم، من رواية يونس، عن ابن شهاب، ‏"‏ يتحدثون بذلك ‏"‏ ونحوه في رواية عمرة، عن عائشة، الماضية قبل الصلاة، ولأحمد، من رواية ابن جريج، عن ابن شهاب، ‏"‏ فلما أصبح تحدثوا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد من جوف الليل، فاجتمع أكثر منهم ‏"‏ زاد يونس ‏"‏ فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في الليلة الثانية فصلوا معه، فأصبح الناس يذكرون ذلك، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة فخرج فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله ‏"‏ ولابن جريج ‏"‏ حتى كان المسجد يعجز عن أهله ‏"‏ ولأحمد، من رواية معمر، عن ابن شهاب، ‏"‏ امتلأ المسجد حتى اغتص بأهله ‏"‏ وله من رواية سفيان بن حسين، عنه، ‏"‏ فلما كانت الليلة الرابعة غص المسجد بأهله‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلم يخرج‏)‏ زاد أحمد، في رواية ابن جريج، ‏"‏ حتى سمعت ناسا منهم يقولون‏:‏ الصلاة ‏"‏ وفي رواية سفيان بن حسين ‏"‏ فقالوا ما شأنه ‏"‏ وفي حديث زيد بن ثابت كما سيأتي في الاعتصام ‏"‏ ففقدوا صوته وظنوا أنه قد نام، فجعل بعضهم يتنحنح ليخرج إليهم ‏"‏ وفي حديثه في الأدب ‏"‏ فرفعوا أصواتهم وحصبوا الباب‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلما أصبح قال‏:‏ قد رأيت الذي صنعتم‏)‏ في رواية عقيل ‏"‏ فلما قضى صلاة الفجر أقبل على الناس فتشهد ثم قال‏:‏ أما بعد فإنه لم يخف علي مكانكم ‏"‏ وفي رواية يونس وابن جريج ‏"‏ لم يخف علي شأنكم ‏"‏ وزاد في رواية أبي سلمة ‏"‏ اكلفوا من العمل ما تطيقون ‏"‏ وفي رواية معمر أن الذي سأله عن ذلك بعد أن أصبح عمر بن الخطاب، ولم أر في شيء من طرقه بيان عدد صلاته في تلك الليالي، لكن روى ابن خزيمة وابن حبان، من حديث جابر،قال‏:‏ ‏"‏ صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان ثمان ركعات ثم أوتر، فلما كانت القابلة اجتمعنا في المسجد ورجونا أن يخرج إلينا حتى أصبحنا، ثم دخلنا فقلنا‏:‏ يا رسول الله ‏"‏ الحديث، فإن كانت القصة واحدة احتمل أن يكون جابر ممن جاء في الليلة الثالثة فلذلك اقتصر على وصف ليلتين، وكذا ما وقع عند مسلم، من حديث أنس، ‏"‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في رمضان، فجئت فقمت إلى جنبه،فجاء رجل فقام حتى كنا رهطاً، فلما أحس بنا تجوز ثم دخل رحله ‏"‏ الحديث، والظاهر أن هذا كان في قصة أخرى‏.‏‏(‏3/13‏)‏

قوله‏:‏ ‏(‏إلا أني خشيت أن تفرض عليكم‏)‏ ظاهر في أن عدم خروجه إليهم كان لهذه الخشية، لا لكون المسجد امتلأ وضاق عن المصلين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن تفرض عليكم‏)‏ في رواية عقيل وابن جريج، ‏"‏ فتعجزوا عنها ‏"‏ وفي رواية يونس، ‏"‏ ولكني خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل فتعجزوا عنها‏"‏، وكذا في رواية أبي سلمة، المذكورة قبيل صفة الصلاة ‏"‏ خشيت أن تكتب عليكم صلاة الليل‏"‏

وقوله ‏"‏فتعجزوا عنها ‏"‏ أي‏:‏ تشق عليكم فتتركوها مع القدرة عليها، وليس المراد العجز الكلي لأنه يسقط التكليف من أصله‏.‏

ثم إن ظاهر هذا الحديث أنه‏:‏ صلى الله عليه وسلم توقع ترتب افتراض الصلاة بدليل جماعة على وجود المواظبة عليها، وفي ذلك إشكال، وقد بناه بعض المالكية على قاعدتهم في أن الشروع ملزم وفيه نظر، وأجاب المحب الطبري بأنه‏:‏ يحتمل أن يكون الله عز وجل أوحى إليه أنك إن واظبت على هذه الصلاة معهم افترضتها عليهم فأحب التخفيف عنهم فترك المواظبة، قال‏:‏ ويحتمل أن يكون ذلك وقع في نفسه كما اتفق في بعض القرب التي داوم عليها فافترضت، وقيل‏:‏ خشي أن يظن أحد من الأمة من مداومته عليها الوجوب، وإلى هذا الأخير نحا القرطبي فقال‏:‏ قوله‏:‏ ‏"‏ فتفرض عليكم ‏"‏ أي تظنونه فرضا فيجب على من ظن ذلك، كما إذا ظن المجتهد حل شيء أو تحريمه فإنه يجب عليه العمل به‏.‏

قال‏:‏ وقيل‏:‏ كان حكم النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا واظب على شيء من أعمال البر واقتدى الناس به فيه أنه يفرض عليهم انتهى‏.‏

ولا يخفى بعد هذا الأخير، فقد واظب النبي صلى الله عليه وسلم على رواتب الفرائض وتابعه أصحابه ولم تفرض‏.‏

وقال ابن بطال‏:‏ يحتمل أن يكون هذا القول صدر منه صلى الله عليه وسلم لما كان قيام الليل فرضا عليه دون أمته فخشي إن خرج إليهم والتزموا معه قيام الليل أن يسوي الله بينه وبينهم في حكمه، لأن الأصل في الشرع المساواة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أمته في العبادة‏.‏

قال‏:‏ ويحتمل أن يكون خشي من مواظبتهم عليها أن يضعفوا عنها فيعصي من تركها بترك اتباعه صلى الله عليه وسلم‏.‏

وقد استشكل الخطابي أصل هذه الخشية مع ما ثبت في حديث الإسراء من أن الله تعالى قال‏:‏ ‏"‏ هن خمس وهن خمسون لا يبدل القول لدي ‏"‏ فإذا أمن التبديل فكيف يقع الخوف من الزيادة‏؟‏ وهذا يدفع في صدور الأجوبة الت
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.alsufia-gaza-palestin.yoo7.com
 
التهجد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الصوفية -غزة فلسطين :: ღ♥ღ الاحاديث النبوية الشريفة ღ♥ღ :: ღ♥ღشرح الباري في صحيح البخاري ღ♥ღ-
انتقل الى: